الصفحات

السبت، 21 نوفمبر 2015

هل كان الإنجليز محظوظين لانتصارهم على الأرمادا الأسباني؟

كان الأرمادا الأسباني أسطولاً ضخماً مكوناً من 130 سفينة أبحرت من سواحل أسبانيا فى أغسطس 1588 بهدف احتلال إنجلترا. وقد هذا الأسطول الضخم تعرض لهزيمة قاسية، ولم يرجع منه سوى نصف عدد سفنه. ولكن هل كانت هذه الهزيمة نتيجة لبراعة الأسطول الإنجليزي، أم نتيجة للخطة الحربية الأسبانية والأحوال الجوية غير المواتية؟

أسطول الأرمادا الأسباني في أغسطس 1588 [Wikipedia]


تمهيد

كان فيليب الثاني ملك أسبانيا ملكاً مشتركاً لإنجلترا مع زوجته الملكة ماري الأولى حتى وفاتها عام 1558. ولكن بعد وفاتها فقد خلفتها أختها غير الشقيقة الملكة إليزابيث الأولى. كانت إليزابيث تميل للمذهب المسيحي البروتستانتي، ولذلك كانت الكنيسة الكاثوليكية تعتبرها مارقة وملكة غير شرعية لإنجلترا. كان فيليب قد حاول بشتي الطرق إزاحة إليزابيث عن العرش ودعم قريبتها ماري ملكة اسكتلندا ووريثة إليزابيث، ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل وانتهت بإعدام إليزابيث لماري عام 1587. وفي المقابل كانت إليزابيث تدعم المتمردين على الحكم الأسباني في الأراضي المنخفضة (هولندا وبلجيكا حالياً)، ولذلك قرر فيليب الثاني، وبدعم من بابا الفاتيكان، التحضير لحملة عسكرية لغزو إنجلترا والإطاحة بنظام الحكم البروتستانتي فيها.

حقائق وأرقام

كان الأسطول الأسباني بقيادة دوق ميدينا من سيدونيا ودوق بارما، وكان يتكون من 130 سفينة حربية وناقلة جند و27 ألف جندي وبحار وألفي مدفع.
بينما كان الأسطول الإنجليزي والقوات المدافعة عن إنجلترا تحت إمرة سير فرانسيس دريك ولورد هوارد، وكان يتكون من 233 سفينة حربية ومساعدة وألفي مدفع.

كانت إليزابيث تتمتع بحنكة سياسية وعهدت بقيادة الأسطول لأكفأ القادة البحريين سير فرانسيس دريك، بينما كان فيليب متحفظاً ولا يتواصل كثيراً مع قادته العسكريين، ورفض رأي دوق بارما بالسيطرة على ساحل الأراضي المنخفضة قبل بدء الهجوم.

القوات الإنجليزية والأسبانية [BBC]

الابتكارات الإنجليزية

كان الإنجليز يعلمون أنهم سيتعرضون للهزيمة حال وصول القوات الأسبانية كثيفة العدد إلى الأراضي الإنجليزية، ولذلك عمدوا إلى الحيلولة دون ذلك بأي ثمن والإبقاء على الأرمادا في مياه القنال الإنجليزي.

الاستحواذ المبكر

استطاع فرانسيس دريك السيطرة على أحد السفن الأسبانية الكبيرة المحملة بأطنان من البارود في 1 أغسطس. لاحظ دريك أن المدافع على السفينة كانت مثبتة على عجلات للاستخدام الأرضي، ولذلك كانت السفن لا تستطيع إعادة تعبئة المدافع بسرعة في عرض البحر، وأن معظم السفن الأسبانية كانت على هذه الحالة، أي غير معدة للحروب البحرية.

[BBC]

سفن النار

في السادس من أغسطس أمر دوق ميدينا الأرمادا بالرسو في ميناء كاليه علي سواحل فرنسا، وكان يتوقع من دوق بارما وقواته في مدينة دانكيرك (على بعد 40 ميلاً) أن يلحقوا به على متن سفن صغيرة. أدرك هوارد ودريك أن الأسطول الأسباني كان غير مستعد لصد أي هجوم، ومن ثم أرسلا ثمان سفن نارية (سفن كبيرة قديمة محملة بالمتفجرات) نحو الأسطول الأسباني. وصلت ست من هذه السفن بفضل الرياح المواتية وانتشرت وسط الأسطول الأسباني، الذي سارعت سفنه إلى قطع حبال المرساة للهرب سريعاً من النيران والمتفجرات. 
[BBC]

المعركة الأخيرة

في الثامن من أغسطس قرر الأسطول الإنجليزي الاقتراب من الأسطول الأسباني والتحما في معركة جرافيلين، وبرغم ضرب النار الكثيف لم تغرق سوى سفينة أسبانية واحدة من المدافع الإنجليزية. وتعطلت سفينتان أخرتان، وهربت باقي السفن إلى بحر الشمال.
[BBC]

خطة فيليب الخاطئة

عندما وضع فيليب خطته لغزو إنجلترا اعتمد فقط على خبرته المحدودة بالأمور العسكرية، ولم يستشر أي من قادته البحريين الذين لم يقدروا على معارضته أو توضيح العيوب في خطته. قرر فيليب في خطته أن يعبر نصف جيش الغزو من قواته في الأراضي المنخفضة ليقابل النصف الآخر الذي سيبحر من أسبانيا على متن الأرمادا. ولكن كانت الخطة مبهمة بدون تواريخ محددة لموعد تقابل الجيشين، وهو ما أدى إلى وصول الأرمادا إلى نقطة الالتقاء في كاليه على سواحل فرنسا قبل أسبوع من استعداد جيش بارما للإبحار. 

وكان هناك عيب آخر خطير في الخطة، وهي أن السفن المعدة لإقلال جيش دوك بارما كانت سفن نقل غير حربية وغير قادرة على الدفاع عن نفسها، وكان ميناء دانكيرك تحت حصار السفن الهولندية المتحالفة مع الإنجليز والمناهضة للحكم الأسباني. بالإضافة إلى أن السفن الحربية ضمن الأرمادا التي كانت ستقوم بحماية سفن النقل كانت كبيرة، لا تستطيع الوصول إلى قرب الميناء الضحل، وبالتالي لم تكن هناك فرصة للجيشين للالتقاء.

المصادر

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق